((فـتــاة الـكـمــال هـلـمــي مـعــي *** لـنـبــي مـجــدا بــه تـرفـعــي))
تحت ذاك الشعار كنت نحلة
طروبا أتنقل من زهرة لأخرى ..أرتشف رحيق العلوم من زهرة هنا ، وأتقن مهارات مع تلك ، ثم أقتبس أحسن الأخلاق و أطيبها من أخرى ليكتمل غذاء الروح مما تثمره تلك الزهور ..
في جو رباني يحلق بي في سماء الإيمان الصافية ، بأجنحة الحب لله و في الله و لأجل الله ..فكانت خواطر تمطر الخاطر في كل صباح جميل تشرق فيه شمس الرقي على مخيم الفتاة السابع في ثانوية البنات على مدى ثلاث أيام ..تجربتي عجزت الاحرف و الكلمات عن تعبيرها و وصف مدى تأثيرها في النفس، فاستحقت ان تنقش على جدران القلب و تنحت تمثالا يرمز لصلاح الأنفس و طهارتها .
أمثلة حية
بذاك الجو الرباني و السكينة التي تبث في الروح طمأنينة تشعرها بالأمان في حمى الله، نهلنا كل عظيم و تعلمنا كل حسن و لفظنا كل سيئ كان يدنس النفوس ..بدأنا المخيم بحفظ و تفسير سورة الحجرات لنأخذ الاخلاق الجميلة كما أنزلها رب الجمال في كتابه ، ونتعلم كيف نتعامل مع العلم و العلماء و ننزل الناس منازلها ، و تعلمنا أن الحياة دون احترام علاقات البشر و وضع ضوابط لها ، لا تعد حياة ، بل موت ناطق ، و عشنا مع الأساتذة لحظات ربانية بين الحبيب صلى الله عليه و سلم و صحابته الكرام كانت لا تنسى ..ثم الوضوء كيفيته و أحكامه و كذا الغسل طريقته و أحكامه مع حفظ مقرر الحديث ، حتى تصحب طهارة الروح من شوائبها بطهارة الجسد من كل خبيث يحول بينه و بين الاتصال الأعظم مع رب العزَّة ..ثم كان ختام الأحكام مسكا عبقا طيبا وراحة من كل كرب.. ذاك المسك هو الصلاة ...أخذنا دروس الصلاة و تعلمناها كما كان الحبيب يؤديها حركة بحركة حتى تخيلنا الحبيب أمام الأعين عليه أفضل الصلاة و أزكى التسليم .. و في شتى مجالات الحياة كانت لنا دورات لا تنسى أيضا ..من إدارة الذات و التحكم بالفشل و طرده ، حتى مهارات التفوق و التميز في الدراسة ثم الحياة بشكل شمولي ، مرورا بالإسعافات الأولية و طرق المحافظة على الجمال الطبيعي دون حاجة لمحسنات جانبية ضرها يفوق نفعها.
سكر المخيم
وطبعا كان سكر المخيم تلك الإبداعات التي أخذت المخيمات تتحفنا بها في ساحة حرة أطلقن فيها العنان لذاك الفكر الرقيق الذي ميزه الإبداع ..فأخذن يتجاذبننا بين شعر قوي البنية من قلوب لاتزال طاهرة، ربما يعجز كبار الشعراء عن نسجه ، و لوحات رائعة في ترابط خيوطها كأنها رسمت بريشة رسام محترف ، حتى سرقن قلبي في حضور على المسرح مميز و خطابة عالية تنم عن قوة في الشخصية و ثقة في النفس لا يتمتع بهما الكثير ، ثم جعلوني أضحك بأعلى صوتي من مقاطع مسرحية هي فعلا إبداعية جمعت بين عمق القضية و روعة العرض ..والآن .
وقفة امتنان
بينما أنا في خلوتي ألملم ما تبعثر من الروح أسفا على ذاك الفراق و أخط لكم تلك الأحرف لتعيشوا معي لحظات خالدة ، مرت بالخاطر سيدة المخيم الأولى و ملكة القلوب، من أخذت نصيبا بالقلب لم و لن يصله بشر على قيد الحياة ..هي مؤطرتي و معلمتي و ملهمتي و صديقتي و أغلى من أختي ، هي من لها الحق في كل لقب نبيل حجز لإنسانة، لها دور استحقت عليه ذاك اللقب ..هي طيبة ناضجة رزينة في حركاتها و سكناتها ، في إجاباتها و قراراتها ، حتى في عتابها لي بلطف على تهاوني مع مقررات الحفظ .. لو كانت من بين من يقرؤون كلماتي الآن، أهديها أعظم تحية و أجملها من قلب طفح بحبها .
فراق يعز على النفس:
انتهت أيام المخيم و عدت للبيت ، لكن مذ خرجت صباحا متجهة لذاك المخيم، ليست هي نفس الفتاة التي تكتب الآن تجربتها مع المخيم ..قد جدد الروح و غير الفكر و أصلح القلب ..و من أشد ما أسفت له و أبكاني بحرقة ، هو ختام المخيم ، فإلى جانب ألم الفراق بين أنفس تآلفت و تناغمت في الله ، هناك ألم انقطاع ذاك النهر السيال الذي كنا ننهل من علومه و مهاراته على مدى ثلاثة أيام دون توقف ، و ذاك الفضاء الرحب الذي عبرنا فيه عما في الصدور و تغنينا بألحاننا عزفا على أوتار الإبداع و التميز ..فشكرا و شكرا و شكرا وكل الود و الامتنان لكل القائمات على مخيم الفتاة السابع ، جعل الله ذاك المخيم في ميزان حسناتنا أثقل من أن تسجله الملائكة و أعظم من أن تحويه الصحف.
بقلم: آمال بنت محمدن