عذرا يا أقصى سنين وسنين كنت أسمع فيها عن فلسطين ، عن القدس عن المسجد الأقصى ، عن حمى مستباح عن أرض مغتصبة ، عن ثورة شعب حر أبى المذلة والرضوخ وباع جماجه فداء لأرضه وعرضه ، لكني فقط
كنت أسمع، أحيانا أدير ظهري للتلفاز عندما يعرض تلك الصور البشعة للمجازر التي يرتكبها بنو صهيون في أرض الإسراء .
لست أدري، ربما شفقة أو مشاعر إنسانية ليست لها مغزى خاص، بل أحيانا أستغرب كيف لهؤلاء أن يضحوا كل هذه التضحية من أجل مسألة هي في نظري عادية ولا تستحق كل هذا العناء ، أتساءل في نفسي تارة لماذا لا يقبلون تقاسم الأرض ويعترفون بدولة إسرائيل فيستريحوا وينجوا بأرواحهم .
والغريب في الأمر أني أحيانا أغضب ، أتعرفون ممن ؟ ، من الفلسطينيين لأنهم يواجهون قوة أعتى منهم ولا يريدون إنهاء هذا الصراع ، أهذا غباء ، أهذا طمس بصيرة ، لا أدري .... وكانت نهاية الأمر دائما بالنسبة لي أن أهمس لنفسي على أية حال إنها قضيتهم ، لا تهلكي نفسك بالتفكير فيها بهذا الحوار المشؤوم بيني وبين ضميري الجامد الميت قضيت سنين من عمري ، لكن استمرار نضال القوم وتزايد صمودهم وإصرارهم على استرجاع أرضهم شبرا شبرا أبى إلا أن يلوي عنقي ليا إلى أولى القبلتين ويطرق باب ضميري ليصحو رغم أنفه ، أبى إلا أن يزيح الغشاء عن عيوني ويزيل الوقر عن أذني الصماوين . هذا الأقصى السجين أقصانا كلنا لا أقصاهم وحدهم ، هذا المسجد السليب كرامتنا وعزتنا ، إنه مسرى نبينا وملك أمتنا ، هذه الأرض المستباحة أرض المسلمين ، تلك الدماء التي تسيل عليها تنزف من شرايين أمة لا من شرايين شعب بعينه . فلله كيف غاب عني كل هذا ، القوافل تترى تنادي بحق تحرير فلسطين وعلى متنها أناس عروا صدورهم للموت في سبيل الحق ، حتى من غير المسلمين وهذا ما يندى له جبيني وأطأطئ له رأسي خجلا وذلا .
انبرى الكفرة والملحدون لنصرة الأقصى وأنا غافلة ، بل لا مبالية. آه ليت شعرى هل تسعفني العبارات لأعتذر إلى ربي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ،إلى أمتي وإلى المسجد الأقصى . رغم أني تأخرت كثيرا وكثيرا غير أني عرفت بل تيقنت أنها قضيتي وقضية كل فرد من هذه الأمة بل قضية الإنسانية جمعاء . استحضرت قول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم " مثل المسلمين في توادهم ......... إلخ" وذلك العضو في تلك الديار المقدسة يشتكي وسهر المسلمين إيمانا منهم بقضيته وحماهم تضحيتهم من أجلها .
ويا حسرتى ، كيف للبنيان المرصوص أن ينهد جزء منه ويطمع الباقي في أن يطاول باسقات النخيل شموخا ، كلا بل هو إلى الركوع ذلا وانحطاطا أدنى وأقرب . آه ، لا أجد سوى حبر قلمي المرتعش خجلا أدون به أفكاري المشتتة عساه يخفف عني ما أحسه من ألم ومرارة ، بل عساه يوقظ ضمائر تعيش ذلك السبات الذي دفنني في أعماقه أعواما ، أقول لأصحابها : ألم يأن للذين آمنوا أن تندى جباههم لعار الإحتلال ويأخذوا أماكنهم في صفوف الثأر للكرامة . على الأقل إن لم نكن من السابقين فلنكن من اللاحقين الباذلين المقتفين لعل الله يكفر بتفطر الأقدام سيرا الطريق في ما هو آت تقلبنا في فرش الدعة والغفلة في الذي قد فات . لا قنوط ربي من رحمتك ونسألك التوفيق .
بقلم: فاطمة بنت محمد المصطفى