ظلت قضية تدريس الفتاة الموريتانية قضية شائكة إلى وقت قريب..قضية يرفضها جل طوائف المجتمع ..وبين عشية وضحاها تبدل الأمر تماما فصارت دراسة الفتاة أمرا اعتياديا تقتضيه مسؤولية التربية منذ الطفولة..فدلفت الفتيات إلى المدارس ومن ثم إلى الجامعات رفقة زملائمهم الذكور، ودرس الكل وفق برامج تربوية لا تولي كبير اهتمام لرسم مسار ما ينبغي أن تكون عليه العلاقة شرعا بين الاثنين..وهكذا نشأت أجيال تتبنى الإسلام دينا ولا تكاد تقيم وزنا لتشريعه في قضية المحرمية ولا حرمة الاختلاط ولا االحدود المضبوطة الصارمة في هذا الشأن ..لتتعالى في الظرفية ذاتها أصوات دعوات للحرية والتحرر من كل الالزامات الاجتماعية وحتى الدينية-وإن كانت الأخيرة تتستر تحت شعارات زائفة براقة- لتجد الفتاة المسلمة نفسها في حيرة من أمرها إذ كيف تمضي على الدرب..درب طلب العلم رفقة الرجال وهي التي تعرف أن الله خلقها زينة وجعلها فتنة للرجال بل وذكرها في مقدمة الشهوات في قوله تعالى:《زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المئاب》وقال صلى الله عليه وسلم:《ما تركت بعدي فتنة أشد على الرجال من النساء》وبالتالي كيف لها أن تتعامل مع الطرف الآخر حسب ما يرضي الله في بيئة تلك بعض صفاتها؟
لقد من الله على المرأة - بل على البشرية جمعاء- بنعمة الإسلام الذي انتشلها من واقع الظلم والتهميش بل ومن واقع اعتبارها كائنا لا يستحق حتى الحياة وأبدلها عن ذلك منزلة عالية جسدت لها الصاحبيات- رضي الله عنهن- أبهى الأمثلة وأروع القصص، فكانت شريعة الإسلام بند حرية لها ووثيقة حقها البشري في المشاركة في الحياة..بيد أنه وبحكمة الخالق الذي زينها وجعلها من ضمن فتن هذه الدنيا قد وضع لها ضوابط وحدودا تبعدها عن أطماع ذوي القلوب المريضة فتبقى نائية بنفسها عن حمى الفاحشة المخزية في الدنيا والآخرة..فأوجب عليها غض البصر وحفظ الفرج وحرم عليها إبداء زينتها فقال جل من قائل:《وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن》كما حرم عليها الخروج متعطرة لما في ذلك من تعمد لفتنة الرجال فقال صلى الله عليه وسلم::《أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية 》..ونفس الشيء ينطبق على خلوها مع غير محرم لها إذ قال الحبيب صلى الله عليه وسلم《ألا لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان》..
ولما في نفس النساء من افتتان بلين القول واغترار بالثناء والتغني بجاملهن وجاذبيتهن:
خدعوها بقولهم حسناء....والغواني يغرهن الثناء
فقد حدد الله تعالى في محكم كتابه ما ينبغي أن يكون عليه الخطاب بين الاثنين فنهى النساء عن الخضوع بالقول وأمرهن بأن يقلن قولا معروفا فقال تعالى:《يا نساء النبيء لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا》...إلى غير ذلك من الأدلة و البراهين الشرعية التي تحدد ما ينبغي أن يكون عليه مسار علاقة المرأة المسلمة بالرجال و ما تقتضيه المعاملات اليومية وما تفرضه من مصالح دنيوية وأخروية تستوجب كثير تعامل بين الاثنين وهو ما يحتم رقيا في خيشة الله ليبقى الكل بعيدا عن الحمى ولا يقبل أبدا أن يكون كما صلى الله عليه وسلم ''كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه''