جمهور جمعية الفتاة الكرام يسرنا أن نستضيف لكم رائدة من رائدات الأمة وإحدى خنساواتها الدكتورة أمل خليفة الباحثة والمتخصصة في الشأن الفلسطيني والتي تشرف بلادنا بزيارة ثمينة هذه الأيام فنستغل لكم هذه الفرصة،
أهلا بك دكتورة أمل.
د.أمل : أهلا بكن
الفتاة: بداية نريد نبذة عن شخصكم الكريم ليتعرف عليكم الجمهور أكثر؟
د.أمل: أنا إسمي أمل خليفة أنا مصرية وهذا أحيانا يثير سؤال إستنكاري من الجميع مصرية ولست فلسطينية؟! أنا مصرية وليست لدي جذور فلسطينية مطلقا، لكن أنا مصرية أبا عن جد وأنا باحثة في الشأن الفلسطيني منذ أكثر من عشرين عاما وهذا يدل على أن القضية الفلسطينية ليست حكرا على أهلها وليسوا هم المعنيين بها فقط وإنما هي قضية الأمة.
الفتاة: ماهي أهم المحطات التي مررت بها في مشوارك الأكاديمي والنضالي؟
الضيفة: حقيقة أنا أصلا طبيبة ومجال الطب بعيد تماما عن مجال الدراسة في قضايا تميل إلى أن تكون إجتماعية سياسية تاريخية، فأنا أصلا طبيبة لكن حينما إهتممت بهذه القضية إتجهت إلى دراسة التاريخ وحصلت على ليصانص الآداب في التاريخ ثم الدراسات العليا في التاريخ وتخصصت في تاريخ القضية الفلسطينية كانت هذه هي أكبر محطة في حياتي أن أنتقل من هذا المجال إلى ذاك لأن هذا المجال هو الذي وجدت فيه ذاتي ووجدت إمكانياتي التي أستطيع أن أخدم بها دين الله سبحانه وتعالى وأنصر القضية.
الفتاة: لاشك أن المرأة المسلمة تواجه تحديات كبيرة ماهي أهم التحديات التي مررت بها وكيف واجهتها؟
د.أمل: ليست المرأة المسلمة فقط هي التي تمر بتحديات ولكن الفرد المسلم على وجه العموم يمر بتحديات في هذه الفترة، الفرد المسلم يمر بتحدي كبير جدا هو أن الأمة في ذيل الأمم والوضع الطبيعي والصحيح أن تكون هذه الأمة في ريادة الأمم وقيادتها فالتحدي الكبير لدى الفرد المسلم الآن رجلا كان أو إمرأة هو أن يضع كل طاقاته في خدمة هذه القضية لنصرة دين الله تبارك وتعالى
وليس هذا الأمر ترفا أو شيئا من هذا القبيل ولكن هو واجب على الأمة أن تأخذ زمام المبادرة لتكون هي التي تقود الدنيا والعالم لأن هذه هي مهمتها، هذه هي مهمة النبي صلى الله عليه وسلم أن يأخذ بيد البشرية إلى دين الله، الله سبحانه وتعالى أرسله إلى الناس كافة ونحن نحمل الرسالة بعده في أن نوصل دين الله تبارك وتعالى إلى الدنيا كافة فهل نحن نقوم بهذه المهمة الآن؟ هل نحن نأخذ بيد الناس إلى الإسلام؟ هل نأخذ بيد الناس إلى فهم دين الله أم أننا الآن لا نستطيع أن ندافع حتى عن أنفسنا، فالمسلمون يتعرضون للتنصير ويتعرضون لأنواع التغريب والأمة لا تستطيع حتى أن تدافع عن أفرادها ولا تستطيع حتى أن تدافع عن مقدساتها، نحن الآن المسجد الأقصى ليس في أيدينا ونحن أمة المليارين لا نستطيع أن ندافع عنه لا نستطيع أن نمنع أعدائنا من أن يقتحموه أو أن يهددوا بهدمه أو إلحاق الأذى به ويمنعوا عنه المصلين فهذا تحدي كبير أمام كل فرد في هذه الأمة ولابد أن تأخذ المرأة نصيبها كما الرجل هي فرد في الأمة كما هو فرد فيها.
الفتاة: ماهو دور الجمعيات الثقافية في مناصرة القضية خاصة وأن جمعية الفتاة تندرج في هذا الإطار؟
د.أمل: هذا سؤال جيد ومهم للغاية، الآن أي قضية تأخذ بالعاطفة هي قضية وقتية يأتي عليها وقت تكون لها أهمية ولها وجاهة وتأتي عليها أوقات أخرى لا تكون لها، لكن قضية المسجد الأقصى ليست قضية عاطفة، فنحن لا نرتبط بالأقصى عاطفيا فقط ولكن نحن نرتبط به على وجه ديني عقائدي يتطلب منا أن نفهمه، أن نعرف ماهو وماهي قيمته وماذا يحدث فيه، نحن مطالبون بأن تكون لدينا معلومات عن المسجد الأقصى، عن فلسطين وعن ما يحدث في هذا الصراع وأن تدعم العاطفة بالعلم، لأننا نحن أمة إقرأ والله سبحانه وتعالى حينما بدأ لنا القرآن بأول كلمة إقرأ لم تكن فقط هي أول كلمة ولكنها كذلك كانت أول أمر فنحن قبل أن نأمر بالصلاة أمرنا بالقراءة، والقراءة هكذا مفتوحة نكرة ليست معرفة بأنها قراءة شيء محدد فالله سبحانه وتعالى يقول: "إقرأ وربك الأكرم" فالإنسان المسلم يشعر بأن مهمته في هذه الدنيا أن يكون على بصيرة "أدعوا إلى الله على بصيرة" وهذه البصيرة لا تأتي إلا من العلم، من أننا نعطي العلم حقه، فهل بلادنا تعطي العلم حقه؟
فهذه إشكالية أننا لا نجد أبدا شخصا يجادل أو ينفي عنا هذه التهمة أن بلادنا لا تهتم كثيراً بالعلم ولا تعتني به والدليل على ذلك أن الأمة كلها من شمالها إلى جنوبها، ومن شرقها إلى غربها كلها ترتبط بالمسجد الأقصى لأنه في القرآن لكن حينما نسأل شباب الأمة أين المسجد الأقصى ربما لا نجد إجابة وهذا شيء غريب بعض الناس لا يستطيع أن يعرف أين فلسطين على الخريطة لا يستطيع أن يعرف أين هي، ولا يستطيع أن يميز ما الذي يحدث فيها،إذن هذه الرابطة التي بيننا وبين القضية هي رابطة عاطفية فقط لاتستند على معلومة لا تستند على علم وهذا يخالف منهج النبي صلى الله عليه وسلم لأنه كان يعطي الناس العلم ويأمرهم بالتعلم والعلم له مكانة كبرى في القرآن، في دين الله أن الإنسان يجب أن يتعلم ويدفعنا الإسلام دفعا إلى أن نكون متعلمين وأن نكون عالمين أما الثالثة فليست موجودة، الشخص المسلم لابد له حتى يفهم دينه أن يتعلمه، يعني هل يصلح أن أكون مسلم أحب الإسلام جدا لكن لا أعرفه، شيء لا يفهم بهذه الطريقة فكيف نتعامل مع القضايا بغير أن نفهم تفاصيلها فالمراكز الثقافية والجمعيات من شأنها ومن واجبها أن تقوم بإعلاء قيمة العلم عند الناس سواءا كانوا شبابا أو صغارا، رجالا أو نساءا وربما يكون الواجب أكثر في الجانب النسائي لأن المعلوم دائما أن المرأة أقل في الناحية التعليمية من الرجل فهي لا تحرص على التعليم بالقدر الذي يحرص عليه الرجل، ربما لأمور إجتماعية أو أشياء أخرى، لكن هذه حقيقة نحن نجد دائما الرجال متقدمون في الناحية التعليمية.
أنا أحيانا أعجب حينما يكون هناك مؤتمر للعلماء، علماء الدين فأرى أن جميع الحاضرين عمم رجال!، فأتساءل أين العالمات؟، فالعلم ليس حكرا على الرجال فلماذا لا ثبت المرأة نفسها، لا نريد يعني أن نقول أنه لابد أن يكون في المؤتمر عدد من النساء شكليا فقط أو من أجل إكمال العدد لكن لابد أن تكون لها الكفاءة وأن تأخذ مكانها ومعيار الكفاءة هو الذي جعلها تتقدم على غيرها من الرجال، فهي لابد أن تثبت نفسها في كل المجالات، لابد أن نجد المرأة التي عندها علم والمرأة التي عندها قدرات توظفها وأخرى عندها تخصص تبرع فيه وتتفوق فالمرأة مطالبة بأن تعتني بعقلها وبما لديها من قدرات حتى تأخذ مكانها الطبيعي في المجتمع.
الفتاة: كلمة أخيرة توجهينها للفتاة الموريتانية؟
د.أمل: حقيقة حينما نطالع ونرى ماعليه شعب موريتانيا نجد أن له علاقة وثيقة بالمسجد الأقصى وبالقضية الفلسطينية، فهناك علاقة وثيقة واضحة لكن كما قلت سابقا هي علاقة عاطفية تحتاج إلى شيء من التثبيت العلمي والمعرفي، نحتاج إلى أن تكون لدينا معلومات لأننا نحارب بجهلنا بل في كثير من الأوقات نحارب بأنه ليس لدينا معلومة وغيرنا لديه معلومة خاطئة فلا نستطيع الرد عليه رغم خطأ ما يقوله بسبب جهلنا، فأنا أظن أنه في تعاملنا مع إفريقيا وغيرها من الأماكن البعيدة عن فلسطين نحتاج إلى هذا الأمر كثيرا لأن الصهاينة يروجون لأشياء لا حقيقة لها فلابد أن نهتم بالجانب المعرفي والثقافي من هذه القضية.
الفتاة: شكرا للدكتورة أمل خليفة على هذه المقابلة التي أتحفتنا بها بارك الله فيها وفي جهودها نتمنى لها مقاما سعيدا وأن نراها في زيارة أخرى لموريتانيا.