1 ـ في ظل ما يحدث من تحويل التعزية إلى وليمة، نريد أن تتحدثوا لنا عن آداب التعزية في الإسلام ؟
الشيخ الددو: التعزية هي الحمل على العزاء، معناه أن يسعى الإنسان لتعزية المصاب والتخفيف عليه وتهوين مصيبته، وهي من حقوق الأخوة في الإسلام، وهي مندوبة وقد مارسها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان يعزي أصحابه ويعزي غيرهم حتى من غير المسلمين إذا أصيبوا بمصيبة يعود مرضاهم ويعزيهم في موتاهم، ويخفف عنهم في مصاعبهم، وذلك من الرحمة التي كتبها الله على نفسه وأمر بها عباده، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء" . وثبت عنه أنه قال: "إنما يرحم الله من عباده
الرحماء" ، وكل من أصيب بمصيبة تسن تعزيته، ومعناها حمله على العزاء بتخفيف ما يجده من الحزن وذلك التخفيف يختلف باختلاف الناس منهم من يكون التخفيف عنه بالكلام بما وعد الله على الصبر وبآثار المصائب في تكفير السيئات ورفع الدرجات، ومنهم من يكون ذلك بالإهداء إليه ومواساته بالجلوس، ومنهم من يكون ذلك بمساعدته في عمله وحل مشكلاته، كل ذلك من التعزية. وقد ورد عن أبي موسى الأشعري أنه قال رضي الله عنه كنا نعد الجلوس أو الاجتماع عند أهل الميت من النياحة، والنياحة محرمة في الشرع ، والمقصود بذلك الجلوس للتحدث بمحاسن الميت ومدحه بما فيه وبما ليس فيه كما كان أهل الجاهلية يفعلون فهذا محرم ، ولكن الاجتماع عندهم من أجل حملهم على العزاء وتسليتهم عن مصابهم لا حرج فيه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما قتل جعفر بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه في مؤتة قال اصنعوا لآل جعفر طعاما فقد جاءهم ما يشغلهم، ولا ينبغي أن يأكل الإنسان عند أهل الميت ولا أن يشرب إلا ما هو محتاج إليه كما لو كان مسافرا فهو ضيف عندهم أما إذا كان من أهل المدينة أو القرية فلا يأكل ولا يشرب عندهم بل يرجع إلى بيته، ويستقبل معهم المعزين ويجلس من أجل تعزيتهم وحملهم على العزاء ، ولا بأس في المبيت معهم إذا كان ذلك يؤنس وحشتهم، والدعاء وذكر المصائب السابقة ومنها مصيبتنا برسول الله صلى الله عليه وسلم، كل ذلك من آداب التعزية، وبالإمكان أن تستغل هذه المجالس ليقرأ فيها الإنسان باب موت النبي صلى الله عليه وسلم من صحيح البخاري مثلا وما ورد فيه ، وقد كان الصحابة يستغلون اجتماع الناس في المصائب لوعظهم وتذكيرهم بالله ، وقد ثبت في الصحيحين أن جرير بن عبد الله البجري رضي الله عنه يوم مات المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قام في الناس خطيبا فقال أيها الناس باتقاء الله عليكم بالسكينة حتى يأتيكم أمير فإنما يأتيكم الآن ، ثم قال واستعفوا لأميركم فإنه كان يحب العفو، ثم قال أما بعد فإني أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أبايعه على الإيمان فشرط علي النصح لكل مسلم ورب هذا المسجد إني لكم لناصح، ثم استغفر ونزل. وهنا قال: يا أيها عليكم باتقاء الله وبالسكينة حتى يأتيكم أمير فانتهز الفرصة ليأمر الناس باتقاء الله وهذا حق الله، وبالسكينة فيما يتعلق فيما بينهم بعدم الفوضى حتى يأتيهم أمير ، وهذا استغلال للفرص كما كان الصحابة يفعلون.
2 ـ "النساء ناقصات العقل والدين" يستخدم هذا المعنى لانتقاص مكانة المرأة والتقليل من دورها ومكانتها وإعاقة دورها الريادي في المجتمع، هل الحديث مقتطع وما هو سياقه وما هو المغزى الحقيقي له.
الشيخ الددو: ليس هذا اللفظ كما قاله النبي صلى الله عليه وسلم، فهو منتور ، وإنما قال النبي صلى الله عليه وسلم للنساء لما وقف غليهن ووعظهن وذكرهن وقال يا معشر النساء تصدقن فإني رأيتكن أكثر أهل النار، قال: "وما رأيت من ناقصات عقل ودين أسلب للب الرجل الحازم منكن"، فهو يجعله في مقام المدح، فيقول إنهن يسلبن عقول الرجال لشدة كيدهن، وقد قال الله تعالى {إن كيدكن عظيم}، وبين أنهن مع ذلك على ما فيهن من نقص العقل والدين ، وقد سئل عن ذلك فشرحه، فليس نقصا راجعا للأمور الأخروية، فقال: "أما نقصان عقلهن فإن الله جعل شهادة امرأتين بشهادة رجل واحد، وأما نقصان دينهن فإن المرأة تجلس لا تصلي ولا تصوم" وبين أن ذلك مما كتبه الله على بنات حواء كما في الحديث الآخر، فليس ذلك نقصا في أمور الآخرة، ولا في مقامهن ومكانتهن ولا منزلتهن في الإسلام، وإنما هو بيان لحالهن وأنهن مع ضعفهن لهن هذا السلطان والجاذبية التي تؤثر على قلب الرجل الحازم، وتعجب رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك، فالحديث في مقام التعجب من ضعفهن وتأثيرهن، من اجتماع الضعف والتأثير فيهن.
3 ـ ما حكم سفر المرأة بدون محرم بسيارات الركاب في المسافات الطويلة التي تتطلب مبيتا في الطريق ؟
الشيخ الددو: الجواب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر يوما وليلة إلا مع ذي محرم، والمقصود بذلك السفر الذي يدوم مدة أربع وعشرين ساعة على الأقل(24 ساعة) وما زاد عليه، فلا يحل للمرأة أن تسافر هذه المسافة أو هذه المدة إلا مع ذي محرم منها حتى لا تموت أو تحتاج إلى شيء أو يعتدي عليها أحد أو تمرض، وهي محتاجة في كل ذلك لمن يحميها ويساعدها، وإذا كان السفر أقل من ذلك (أقل من يوم وليلة) فلم يرد فيه نهي، وبحاله السفر المباح أو المندوب ، أما السفر الواجب كسفرها إلى زوجها أو إلى والديها، أو سفرها في أمر دعوي واجب بذاته كالهجرة ونحوها فهذا ليس داخلا في النهي.
4 ـ ما حكم التماثيل التي تستخدم لزينة المكاتب، والتي تكون أحيانا مكتملة وأحيانا أخرى غير مكتملة، وتكون على هيئة أنسان أو حيوان أو نبات؟
الشيخ الددو: بالنسبة لتصوير النبات وغير الحي لا حرج فيه مطلقا، ويجوز تزيين المكاتب به والبيوت، ولا حرج فيه أبدا، بل قد أمر به ابن عباس في تصوير الحدائق، وأما الصور ذوات الحياة فإذا كانت الصورة منحوتة دائمة تامة الأعضاء لها ظل كامل (صور مجسمة) فهذا حرام، ويعذب أصحابه إذا ضاهوا به خلق الله، وإذا كانت مجرد تصوير بالنسيج فإذا كان كبيرا معلقا كما في حديث عائشة في الرجلين قرامها أو الخيل المجنحة فإنه لا يجوز أيضا، وإذا كان تافها موضوعا في وسادة أو على فراش يوطؤ بالأرجل فلا حرج في استخدامه، ومثل ذلك الصور الناقصة (الصور الفوتوغرافية ونحوها)، فليست من التصوير الممنوع.
5 ـ ما حكم الإدمان على متابعة الدراما التركية بأنواعها (الآكشن ــ الكوميديا ، الدراما الاجتماعية )؟
الشيخ الددو: إذا كانت مما لا فائدة فيه ولا ضرر فيه فيكون ذلك من المباحات، وإدمانها محرم كإدمان كل المباحات بما يشغل عن ذكر الله وعن الواجبات ويقتضي إضاعة للوقت وللعمر في غير طائل، وإذا كان فيها بعض المناظر المحرمة مثل بعض الاختلاط الممنوع بين الرجال والنساء فهي حرام لا يحل النظر إليها أصلا ، فضلا عن إدمانها، ومثل ذلك إذا كان مضمونها سيئا يرسخ بعض الأفعال السيئة، وتدعو للتحلل والخلاعة فلا يحل النظر إليها .
الشيخ محمد الحسن الددو