إنسان سوي...لا هاتف ذكي

خميس, 01/07/2016 - 21:15

تطرح هذه الطفرة في انتشار الهواتف الذكية وتطبيقاتها الأكثر ذكاء الكثير من الملاحظات والأسئلة المهمة حول فوائدها وسلبياتها، وسبل التحصيل للأولى والتحصين من الثانية ..

إن هذه الهواتف الذكية بانتشارها الواسع وخدماتها المُغرية هي واقع يفرض نفسه، هاتفا بضرورة الانتباه والتنبيه لما يمكن أن تضيفه وتفيد به تلك الهواتف مستخدميها، وما يمكن بالمقابل أن تأخذ منهم أو تجره عليهم من ضرر . وفي هذا المنحى يأخذنا قلم الملاحظة نحو تسطير هذه النقاط التي سيطبعها أسلوب خاص، ميزته الاختصار والتركيز، مستلهما أسلوب تغريدات موقع "تويتر"، بعبارته الشهيرة: "يجب أن تكون أكثر ذكاء"

(1) ليست "الهواتف الذكية" مشكلة في ذاتها، إنما المشكلة في إيجاد "المستخدمين الأذكياء"، كما عبر عن ذلك الشيخ سلمان العوده حفظه الله، إذ الوسائل – عادة – لا تذم أو تمدح لذاتها وإنما فيما تستخدم فيه . والإنسان السويُّ حقا هو من يعرف هدفه وغايته ويرسم مساره في هذه الحياة، ويسمو بذلك كله عن السقوط والإسفاف، ويستحضر هدفه في كلما يستخدم ويعمل

(2) الوقت هو الحياة، ومقياس تلك الحياة النتائج التي تنتهي إليها.. فمن كان وقته حيا بالنشاط المثمر والنتائج الإيجابية فهو حي وإلا فهو ميت من قبل ومن بعد .. والملاحظة تتفق أن كثيرا من مستخدمي هذه الهواتف شبه أموات حتى لا نقول أمواتا . وأن الانعزال عن الناس وتبلد الشعور بحركة الحياة وضرورة الإسهام فيه يصيب الكثير منهم، ويبعث القلق على واقعهم الذي لا يسر الصديق ومستقبلهم الذي لا يغيظ العدو

(3) ..وأمر آخر لا يقل أهمية، هو خطورة ما يُنشر وينتشر من خلال هذه الهواتف من شائعات وأحاديث موضوعة .. وأشياء لا حصر لها، تجمعها ركاكة المعنى والمبنى وسوء الأثر على متلقيها وموزعها ومن توزع عليه . وتتأكد الخطورة حين يتعلق الأمر بخصوصيات الأفراد وأعراضهم، التي يحلو لآخرين التسلي والتفكه بها . وهو ما يستلزم الحذر من الوقوع في المحذورات التي حرمها الشرع، وينكرها الطبع، وتنفر منها كل نفس لم تكدر فطرتها الأهواء

(4) لكنّ هذه الهواتف فيها لمن أراد الفائدة فائدة تتجاوز تسهيل التواصل مع المحيط القريب والأبعد، إلى فتح آفاق لا حصر لها من التعلم والتعليم والإفادة والاستفادة، والاطلاع على آخر ما ينشر ويصدر من أخبار وتقارير وإصدارات .. يحدد المستخدم درجتها في الأولوية والأهمية، ويستطيع من خلالها تنمية وعيه بما يحيط به، والإسهام – أكثر من ذلك - في التعريف بقضايا الأمة ونشر الوعي بها، ومحاولة إصلاح ما أفسده الزمان من أخلاق بنيه

(5) خلاصة القول هو أنما تريده مشاكلنا لتحل، وأزماتنا لتنفرج، وأوطاننا لتتحرر وأمتنا لتنهض .. هو بالدرجة الأولى إنسان سوي يعي دوره ويأخذ موقعه ويتحرك باسم الله، لا هاتف ذكي ضره أكثر من نفعه لمن لم يأخذه بحقه.

عبد الله سيد محمد